لمس الزوجة.. هل ينقض الوضوء؟ الأزهر يوضح الحكم الشرعي وتفسير العلماء
تلقى مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية استفسارًا من أحد المتابعين يسأل فيه: "هل لمس الزوجة ينقض الوضوء؟".
وأوضح المركز عبر موقعه الرسمي أن هذه القضية تُعتبر من المسائل الفقهية التي أثارت جدلًا بين العلماء لسنوات طويلة، وذلك استنادًا إلى اختلافهم في تفسير قوله تعالى: *{أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ}* من الآية الكريمة *{يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى... فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا...}* [النساء:43].
الخلاف حول معنى "اللمس"
أوضح المركز أن "اللمس" لغةً يعني إلصاق جزء من الجسد بشيءٍ آخر، وهو في العرف مرتبط باليد باعتبارها الأداة الأكثر استخدامًا في ذلك.
ومع ذلك، اختلف الفقهاء في المراد بـ"اللمس" في الآية الكريمة، مما أدى إلى تباين الأحكام:
- ذهب الإمام أبو حنيفة، إلى أن اللمس المقصود هنا هو الجماع وليس مجرد التلامس العادي. واستدل بحديث أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- الذي ذكرت فيه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قبَّل بعض زوجاته ثم خرج للصلاة دون أن يتوضأ، مما يشير إلى أن اللمس العادي لا ينقض الوضوء.
- في المقابل، رأى، الإمام الشافعي، أن اللمس يشمل كل مباشرة بين الرجل والمرأة إذا حدث تلامس مباشر للجلد، دون شرط وجود شهوة أو تلذذ؛ مستندًا إلى ظاهر النص القرآني، حيث لم يُقيد الحديث عن الملامسة بأي شروط إضافية.
- أما ،الإمام مالك، و،الإمام أحمد، فكان رأيهما تفصيليًا؛ إذ إنهما فرّقا بين اللمس بشهوة والذي ينقض الوضوء، واللمس بلا شهوة والذي لا ينقض الوضوء.
واستندا إلى حديث عائشة -رضي الله عنها- حين وصفت كيف كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يُلامسها أثناء الصلاة دون أن تقطع صلاته.
الموقف الشرعي المُعتمد
اعتمادًا على هذه الآراء المختلفة، أكد مركز الأزهر أن الأساس في هذه المسألة هو وجود الشهوة والتلذذ. فإذا لمس الزوج زوجته بشهوة أو تلذذ، يُعتبر هذا ناقضًا للوضوء.
أما في حالة اللمس العادي الخالي من أي شهوة، فلا يتطلب ذلك إعادة الوضوء، وأُشير في هذا السياق إلى قول الإمام ابن العربي: "لو كان المراد باللمس الجماع فقط، لكان ذلك تكرارًا في سياق الآية، وهو أمر لا يليق بالحكمة الإلهية".
خلاصة الأحكام
بناءً على ما سبق، شدد المركز على ضرورة فهم حكم "اللمس" تبعًا لظروفه وطبيعته؛ فاللمس بشهوة سواء كان بين الزوجين أو بين الرجل والمرأة الأجنبية يعتبر ناقضًا للوضوء، بينما اللمس الذي يخلو من التلذذ لا يعد ناقضًا وفق الرأي الراجح المستند إلى السُنَّة النبوية الطاهرة.

