نفحات تاريخية
محمد عبد الرازق يكتب.. تحليل DNA بين وهم الحقيقة المطلقة وهوس التجارة المربحة
تحليل DNA، لطالما شغل عقول بعض الناس التي انغمست في وحل العصبية القبلية، اعتقادا منها أن هذا التحليل التجاري بمثابة سيف الحق الفاصل في أصول البشر، فهل، فعلا، يمكن للحمض الجيني أن يحدد لنا أصولنا العرقية بذكرها حرفيا؟ وإذا كان كذلك، فما أدراه بأن هذا الإنسان أو ذاك من أصول عربية أو أوربية أو إفريقية، لاسماء هي من اختيار البشر؟
الغاية من علم الجينوم هو معرفة تحركات البشر في مدى أقصاه 100 سنة، وكلما طالت السنين أكثر من ذلك زادت الأمور تعقيدا، فأقصى ما يمكن أن يصل له DNA هو تحديد مفاتيح جغرافية لتنقل الإنسان، وتصبح أكثر صعوبة في المناطق التي تعاقبت عليها أمم كثيرة مثل حوض الأبيض المتوسط، لكونه مجالا واسعا تلتقي فيه ثلاث قارات.
واستنادا إلى الدراسات العلمية، فإن البشر متشابهين بنسبة 99.9%، وأن الاختلاف بينهم يقتصر على نسبة 0.1%، وفق ما ذكره الدكتور بروسانتا تشاكرابارتي، أستاذ علم التطور والنظاميات بجامعة ولاية لويزيانا بأمريكا في كتابه (Explaining Life Through Evolution).
جامعة أكسفورد، أنشأت، سنة 2001، oxford ancestors، وقد أجرى هذا المركز أكثر من 10000 تحليل لمن أراد تتبع أصوله.
وبالرغم من هذا، أكد العلماء القائمين على المركز قائلين « نحن جميعًا بشر ويمكننا إثبات ذلك !… ، ولا توجد صلة بين تسلسل الحمض النووي والعرق أو الإثنية »، ولهذا فهم يصنفون، مزاجيا، علاماتهم (Markers)، في مصطلحات مثل “أوروبي” أو “أمريكي“ فقط.
The Politics of Life Itself Biomedicine, Power, and Subjectivity in the Twenty-First Century, by dr Nikolas Rose, Page 177.
الشركات المتخصصة في علم الجينات مهوسة بالتجارة الجينية فقط، وهي تعزف على نغم عرقي لا ينتهي، هذا الطرح عززه مصدر اخر يحمل عنوان العلوم التجارة في علوم الجينات صفحة رقم 400، حيث ذكر " أن الناس يشترون الاختبارات الجينية للتعرف على عرقهم واثنيتهم، لكن لا توجد علاقة واضحة بين الحمض النووي للفرد وانتمائه العرقي أو الإثني".
وفي كتاب الجينوم، لمؤلفه مات ريدلي، ذكر حرفيا" تأسس مشروع الجينوم البشري على إحدى المغالطات. لايوجد ما نسميه بالجينوم البشري، ولا يمكن لنا أن نعين شيئا محددا هكذا لا في المكان ولا في الزمان".

