#jubna
السبت 6 ديسمبر 2025 08:32 صـ 15 جمادى آخر 1447 هـ
أنا حوا - الرئيسية
رئيس التحرير محمد الغيطي المدير العام منى باروما
×

سحر صالح رزق تكتب.. جروح وطن

الثلاثاء 24 أكتوبر 2023 10:27 مـ 9 ربيع آخر 1445 هـ
سحر صالح رزق
سحر صالح رزق

لا تحزن بعد ضياعي وتأتي على بعدي تصرخ وتنوح، كفكف دموع العينِ فأنت من أغرقت بالدمي تلك العيون، وكافِ ألم وجروح وخوف من صوت القنابل وقذائف تلك الصواريخ عبر المدائن والحدود، وتحسر على أمانًا أضاعهُ انصياعكَ لهتافات الجاهلين وانخراطً بمظاهراتً عبر الصفوف.

لا تصرخ وين العرب وتكتب في وطنك أبيات الرثاء والقصيد، قائلًا: "عسرة ويا رب تزول"، وإذا سألت عن عنواني تجدني بأرض صرخت ويلكم من ذاك الربيع، تبًا لقد ملئتني ترابًا ودمارًا.. وأحرقت بساتين الورد وحدائق الزهور.

لا تبحث عن راحة وأنت ظالم لنفسك وهان، أمن وطنك عليك بكل جحود، غرستَ بقلبي خنجرً مسمومً بيدِ كل حاقد وهذا لُب الموضوع، تسعى لموتي وهدم ُبُنيتي وتجفيف أرضي، أوعدك بنفذ لك المطلوب، لكن رجاء كُن بعيدًا عند دخول أعدائي، كي.. لا تُؤثر أو تُقتل أو يتهموك بالغدرِ وينفذوا عليك الحدود.

وارفع يدك عن السكين أخاف أن تُجرح وتشعر بوجع والله على وطنك لا تهون، فبعد أن ساعدتهم بدعواتك على حربي واستمعت لِنداءات الحمقى ولكلِ صوتً حقود، لن يفرق بعيناك ظلمةٌ لـيلٌ ولا شُعاع شمسً حزين، ولن يحتوي غٌربتك بعدي أي حدودً في هذا الكونِ الفسيح.

فبعد فراق حُضن الوطن لن تفرق بين مالـح وشهدٍ أكيد، فمرِ غدرك أفقدك نعمة الكرامة بين الوجود، أوعدك لن تعرف بعيدًا عني للورد لونً ولن تستطيع أن تقول، هذا يانعً وهذا مقطوع، ستفقد الحياة بعد خيانتك لوطنك وتصبح أيامكَ أشواك بعد أن كانت أرقى الزهور، صحيحً أنني لن أستطع أن أنساك، وكيف أنسى من سعى بإثارة الفوضى ودعى للخراب بعد أن أعطيتهُ وطنًا لا يمكن شرائهِ بأغلى العقود.

أين قسمك بالأمس أنك بالروح تفديني وبالولد وبالمال تحميني؟، وأنك باقي لحمايتي لو على حد السيوف وصوت الدبابات وستبقى للصمود، استودعتك الله يا ابني داعيه ربي الرحيم بالصبرِ يقويني ويبعث لي من يداوي الجروح عبر الأزمان مُخترقًا الصفوف.

جرحتني وأنا طبيبكـ وآه ثم آه من غدر يأتي ممن ربيتهُ وأعطيتهُ ودي وخيري وحبي الذي لن تجد لهُ نظير، لا تأتي بعد سنين باكيًا شاكيًا قائلًا: بعد حُضنك يا وطني لم أجد عليا أي حنون، فأغفر لي أني أضعتك بجهالة بدل أن أشكر رب المعبود، ذكرياتك صارت بقلبي خنجرً مسمومًا وسيف قاطعًا يسيل منه الدمٍ كلما سمعتكَ تُنادي للحرب عبر الصفحات منساقًا عبر الظنون.

ممكن أسامحك لكن بتكتب لي مواثيق وعهود، فلن تنتهي الحرب دون اتفاقيات بين الحشود، أولها ترد لي قلبً بسمِ سقيتهُ وجعلتهُ حجرًا بلا روح، وثانيها.. ترد لي زهرة شبابًا بيدك قطفتها وأحرقت أغصانها فأينعت حنضلً يسقي بالمرِ الشعوب، وثالثها دموع عيني التي جرحت كل مكان وتركت أثر دال على غدرك فقٌتل الطفل وصرخَ الحرِ من الأنين أوقفوا ذاك العُنف ولا للحروب.

ورابعها تقدر تقطع ألسنة شماتة أعدائي بوطنك وتصرخ وتقولهم ظلمتهُ بعد أن أسقاني الهوى جرعتهُ غصهً الحنين وأبكيت عليه الملايين قهرًا فهذه سُنة الحروب، روح الله يجازيك وإذا عيوني تشتاق لرؤياك يومًا لأقتلع العين قائلة: اذهبي معاه فهو من دعى للحرب دون بيان أو تبيان، وهدم حضارتي وأهدر اقتصادي وحصد أرواح الشهداء بدعوات ينصاع لها كل لئيم لا يفكر بالعواقب والخسران المبين.

يشهد الله أن الوقت مرير بدونك لكن جراحك فاقت أي سماح وتبرير، وأقسم لك بالقرآن ما انخلق من عشقك مثلي فدفء تراب الوطن كدفء قلب الأم فهو فطرة لا تتكرر مرتين، لكن لابد من الكي فهو أخر دواء حين يعجز كل طبيب وحكيم عن نصح كل خائنُ لئيم.

ليس كل عاشق بالدنيا يحظى بأمان، فالأمان وطنك وأن كُنتَ به بلا جدران، فكم عاشق اختار بيده الحرمان من الأوطان، فتبًا لغباء ذاك الإنسان العنيد، أفيق بُني ودافع عن سمائي ولا تسمح بألسنهً دخانًا تُطال كل طيرً ليس لهً ذنبُ سوى أن له جناحان أراد بهما التحليق.

واروي أرضي بالحب لا بالدماء فأني أريد منك أن تعيش وتعمر كل مكانً فسيح، ازرع واحصد وابني وأسس فالحضارة والعلم دليل تقدم الأوطان، وأصمم أُذنيك عن دعوات تُنادي بالهدم والقتل والحرق فوطنك عرضك لا تغامر به مهما كانت الأسباب والعروض ومهما نعق بذلك الناعقون.